هل يجوز الحج عن الغير؟ دار الإفتاء توضح الشروط والضوابط

قال الشيخ أحمد بسيوني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز لمن لا يملك القدرة البدنية لأداء مناسك الحج، رغم امتلاكه للقدرة المالية، أن ينيب غيره لأداء الحج عنه. وأكد أن هذا مشروط بأن يكون النائب قد أدى فريضة الحج عن نفسه أولاً، ولا يجوز أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه.

واقعة من السنة النبوية تؤكد أولوية الحج عن النفس

أوضح الشيخ بسيوني، خلال ظهوره في برنامج «مع الناس» على قناة الناس، أن هذا الحكم مستند إلى واقعة نبوية شهيرة. فقد سمع النبي محمد صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة يلبّي بالحج عن رجل يُدعى "شبرمة"، فسأله: «أحججت عن نفسك؟»، فأجابه الصحابي: "لا"، فرد عليه النبي قائلاً: «حُجّ عن نفسك أولاً، ثم حُجّ عن شبرمة». ويُستدل من هذا الحديث على ضرورة أداء الشخص فريضة الحج عن نفسه قبل أن يؤديها عن غيره، حتى وإن كان قادراً ماديًا.

أنواع الاستطاعة في أداء فريضة الحج

تطرق الشيخ أحمد بسيوني إلى ما أورده الإمام القشيري، أحد كبار أعلام التصوف والتفسير، بشأن تقسيم الاستطاعة للحج إلى ثلاثة أنواع رئيسية. النوع الأول هو "المستطيع بنفسه"، وهو من يملك المال ويتمتع بالقدرة الجسدية على أداء المناسك. أما النوع الثاني فهو "المستطيع بغيره"، وهو الشخص الذي يمتلك المال ولكن يعاني من عجز بدني يمنعه من أداء الحج بنفسه، مثل كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة لا يُرجى شفاؤها، ويجوز له في هذه الحالة أن يوكل غيره للحج نيابة عنه.

أما النوع الثالث، والذي وصفه القشيري بلغة روحية عميقة، فهو "المستطيع بربه"، وهو الفرد الذي لا يملك المال الكافي لأداء الحج، لكنه صادق النية ومخلص الرغبة، ويعيش في تعفف شديد منتظرًا فرج الله وتيسيره. ويقول القشيري إن هذا النوع من الناس جدير بأن تُحمل عنه الذنوب وتُفتح له الأبواب، لما يحمل من نية صافية وصفاء قلب.

دعوة للتفكر والتراحم بين المسلمين

وفي ختام حديثه، وجه الشيخ بسيوني رسالة لأهل اليسر من أصحاب المال، داعيًا إياهم للتأمل في حال هؤلاء الصادقين الذين لا يملكون تكاليف الرحلة، لكنهم يملكون قلوبًا ممتلئة بالإخلاص والتعفف. وتساءل قائلاً: «كم من غني يتابع الحج عامًا بعد عام، وهناك من لا يملك حتى نفقات الرحلة، لكنه أكثر إخلاصًا واستعدادًا، وقد يكون أولى بالحج من غيره».

وأكد أن مراعاة مثل هذه الحالات والنية في إدخال السرور على من لا يستطيعون، قد تكون من أعظم القربات، داعيًا الجميع إلى التفكر في معاني الاستطاعة وأبعادها الروحية، إلى جانب بعدها المادي.